أنشأت الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية بنك البذور بهدف إكثار النباتات المحلية واستزراعها في مناطقها الطبيعية والمحافظة على الأنواع النادرة منها من الانقراض، شرعت الهيئة، في إنشاء بنك متخصص للبذور في حي السفارات، ليساهم في تزويد مشاريع التشجير ومواقع التنسيق الزراعي للهيئة في مختلف أرجاء المدينة بالأشجار والشجيرات البريّة النادرة.
وجاءت فكرة إنشاء البنك بعد أن رصدت الهيئة، اختفاء بعض الأنواع النباتية المحلية الرئيسية من مواقعها الطبيعية، نتيجة عوامل التصحر والتمدد العمراني والأنشطة الحضرية، إلى جانب ظهور الحاجة إلى توفير كميات كبيرة من الأشجار والنباتات المحلية لاستزراعها في مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الذي انجزته الهيئة ويمتد على مسافة تزيد عن 80 كيلو متراً.
كما يساهم بنك البذور في تزويد عدد من مشاريع التشجير التجريبية التي تعمل عليها الهيئة لتكثيف زراعة الأشجار والشجيرات البريّة في بيئاتها الصحراوية، وضمان إمداد المشاريع البيئية بالبذور الجيدة في السنوات المقبلة، فضلاً عن استخدام البذور في مواقع التنسيق الزراعي بالمدينة.
وقد نجح البنك في جمع كميات من البذور النادرة لعدد من الأشجار التي تنتج كميات قليلة من البذور سنوياً، أو يصعب الحصول على بذورها لسرعة تناثرها مثل أشجار السلم، أو التي تتعرض للقطع الجائر كأشجار السمر، إضافة للشجيرات التي تتأثر نتيجة الرعي العشوائي أو الصقيع.
ويشتمل بنك البذور على غرف معدة لفرز وتجفيف البذور، وغرف أخرى لحفظها عن طريق التبريد أو التجميد، و(معشبة) لحفظ عينات النباتات التي تم جمع بذورها بعد التجفيف.
وقد أنهى البنك عملية حصر وجمع العديد من بذور النباتات المحلية الرئيسية، ومن ثم تصنيفها وفقاً لـ «التصنيف العلمي للنباتات»، كما أجرى البنك دراسات مختبرية على هذه البذور ومعالجتها بالطرق العلمية لمعرفة خصائصها وتحديد الطرق المناسبة لاستخدامها، ومن ثم جرى حفظها وتخزينها في مختبر الهيئة بحي السفارات والذي جرى تجهّزه بمختلف التقنيات .
الحديثة.
كما تعمل الهيئة من خلال بنك البذور، على إجراء تجارب لإنتاج بذور معدلة ومحسنة وراثياً، بهدف إنتاج سلالات جديدة عبر «التهجين» أو «تحسين الصفات»، وقد استعانت الهيئة في هذا الجانب بتجارب عالمية في هذا المجال، مثل «حدائق كينجزبارك» العالمية، والحدائق النباتية في غرب أستراليا.
وقد جرى جمع وتخزين بذور البنك من عدة مناطق محيطة بمدينة الرياض مثل: الثمامة، الطوقي، رويغب، القدية، حفيرة، نساح، والحاير، حيث استهدفت الهيئة في المرحلة الأولى من تأسيس البنك، تنظيم رحلات في محيط مدينة الرياض بمساحة قطر تبلغ 300 كيلومتر لرصد ورعاية الأشجار والنباتات المحلية في مواقع مختلفة خلال مدة زمنية بلغت نحو 24 شهراً، وبعد نضوج ثمار الأشجار، جرى جمع استخلاص كميات من بذورها. وقد شملت أشهر البذور للأشجار المحلية التي جرى جمعها من خلال البنك، كل من أشجار: الطلح النجدي، الطلح العراقي، السمر، السلم، سمر راديانا، السدر البري، الرمث، العرفج، النقد، السنا مكي (العشرق)، الجثجاث، الأرطى، العوسج، القتاد، الشفلح، الشيح، العلندرة، القطينة، العاذر، الخزامى، الثمام، الجريبة، عطنة، والقرضي.
مشاريع تجريبية في الثمامة
وبهدف إعادة الغطاء النباتي في منطقة الرياض والحد من تدهوره والتحكم في مسبباته، أطلقت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، برنامجاً بيئياً طموحاً هو الأول من نوعه في المنطقة، يعمل على زيادة الغطاء النباتي في المناطق الطبيعية وإعادة تأهيلها، مثل الروضات والشعاب والأودية والنفود، وتنمية المناطق الرعوية، وصولاً إلى تنمية الحياة الفطرية النباتية والحيوانية على مستوى منطقة الرياض، وذلك ضمن عناية الهيئة واهتماماتها، بمتابعة الوضع البيئي في منطقة الرياض، في ظل ما تشهده من تأثيرات على الموارد البيئية بفعل التغيرات المناخية والأنشطة البشرية.
وقد تم من خلال البرنامج تنفيذ مشروعي تشجير تجريبيين في متنزه الثمامة، تضمنا زراعة نحو 6000 شجرة طلح، تخضع باستمرار لعمليات المتابعة المنتظمة وإجراء القياسات الدورية لنموها ورصد المؤشرات حول الظروف الأنسب لها من ناحية المكان وأسلوب الغرس والري.
كما سيتم ضمن البرنامج تنفيذ مشروع التشجير التجريبي الرئيسي في المتنزه، والذي يتضمن زراعة 80.000 شجرة من أنواع (الطلح، السمر، سمرالراديانا، والسلم) وإجراء كافة التجارب العلمية عليها لمعرفة ورصد أفضل الأساليب والطرق لإعادة الغطاء النباتي.
وقد جرى ضمن برنامج إعادة الغطاء النباتي بمنطقة الرياض، تصنيف الأشجار والشجيرات ومغطيات التربة المحلية في منطقة الرياض، بالإضافة إلى إعداد «دليل للنباتات بمنطقة الرياض» احتوى على 396 نوعاً مختلفاً من النباتات.
كما جرى ضمن البرنامج، إعداد دراسة علمية لتوثيق مشروع تشجير وادي حنيفة، تهدف إلى حفظ الخبرات المكتسبة في عمليات تشجير وادي حنيفة للإفادة منها ضمن الأعمال المستقبلية، وقد اشتملت الدراسة على إعداد دليل للنباتات التي تمت زراعتها في الوادي، وطرق غرسها، وعمليات التشجير، وتوثيق الخبرات العملية في عمليات نقل أشجار الطلح.
وتضمن البرنامج تخصيص مناطق للتشجير المكثف في وادي حنيفة، تزرع فيها الشتلات على مساحات محددة، ليتم نقلها بعد نموها إلى أماكن أخرى، وقد تم ضمن هذا المشروع استزراع 20 ألف شجرة حتى الآن وفق هذه التجربة في موقعين مختلفين من الوادي، تمهيداً لتعميمها على في بقية مواقع الوادي وفروعه مستقبلاً بمشيئة الله.
كما شكّلت الهيئة ضمن برنامج إعادة الغطاء النباتي بمنطقة الرياض، فريق عمل من المختصين، وعقدت عدداً من ورش العمل، ونظّمت زيارات للاطلاع على التجارب العالمية والمحلية في مجال التشجير وإعادة الغطاء النباتي، وصولاً إلى إعداد استراتيجية شاملة لإعادة الغطاء النباتي في المنطقة.